"سميّت رسائلُ الأحزان، ليس لأنّها من الحُزن جاءت بل إلى الحُزن انتهت".
كتاب رسائل الأحزان، من الكتب الدّارِجة في فلسفة الجمال والحبّ"
قدَّم مصطفى صادق الرافعي 15 رسالة تعبيريّة عن مآسي الفَقد، والفَقد هنا يخصّ مشاعرهُ الكليّة التي عايَشها وهو في حالة الأوج الأتمّ للوِجدان واللّوعة من ميّ زيادة.
في مقدمة كتابه، أين ترجّى صديقه بعدم إضافة أيّ اعتراضٍ أو تعقيب على مُكاتبتِه. لاحظت أنّني لن أكون أهلًا لِنقد الكتاب .. ثم مالذي سأنقدُ أمام الأدب المُكتمَل هذا؟
يعدُّ الرافعي سيّد أدباء عصره وسيضلّ، لأنّه الوحيد الذي يمتلكُ القدرة على الصياغة المشاعريّة الجليّة وهذا ما اكتشفتهُ في قرائاتي له في خاتمة الكتاب أين قال:"اجتمعت عَواطف الحب في هذه الرسائل تتَساوَقُ معانيها دون حوَادثها على نَسَق الشعر والفكرة".
فالأدب هو تفاعلٌ بين المشاعر واللّغة، وتجسيد ناتِج هذا التفاعل هو ما يشكّل لنا هذا "الأدب". والكثير من يمتلكُ لغة حصيفةً ولساناً ذلِقًا ولكنّ الأحاسيس مُفتقرة أو العكس، فرط في أحد المقدارين قد يؤثّر على الآخر باستِتاره وعدم بروزه على الوجه البليغ الذي أردناه.
الرافعي الوحيد الذي استطاع تحقيق تجانُس وتكامل مواده الخامّة في موضوع الحبّ (المشاعر يحدّدها الموضوع)، فاللّغة حاضرة في الوصف الدّقيق لشعوره، ومشاعره بدورها توجّهات بَلغت الكمال أو التصوّف كونها توحي بانسان بالغٍ ولِهِ مُضنى.
لذلك امتلاك الرّافعي لهذه الخامة المتفرَّدَة مكّنته من بلوغ الصدارة في الأدب العربي.
(أخصّ بذلك الشعر، كتب الفكر كظلال القرآن، على السّفود، ووحي القلم) فهذه مواضيع نشهدُ فيها حضور اللّغة أكثر من الفكرة نفسها وهذا ما خلَق الجماهيريّة حوله، إن شاء الله أقدّم فيها المراجعة الدّقيقة في الأيام القادمة).
النقد:
قد يكون تقييمي للكتاب ضعيف ويُعاكِس مدحي المستمر، لكنّ هذا من كوني شديدة على الأدب وناقدة مترقّبة.
أهمّني هذا التعلّق المَرضي بميّ وأوضعني في ملحمة ما غريبة من مواضِعَ أشعرتني أنّ هذا الرجل بالَغ في مدح الجمال المرئي للمرأة التي أحبّها على حدّ الزُعم. (الرسالة 2،3، 8، 10،11، 6،5) وهذا واضح في قبَسات الققرات على الجمال، بالرغم من إعادات الترقيع لكنّ الوقوع في التناقض كان حليفهُ، فأدركتُ أنّ الرافعي تعلّقه بمي ما هو إلاّ إيهامُ اكتمالٍ اغرائي لأنوثتها وتزيّنها إليه . وحتى أنّ هناك فقرات تصف ردود أفعال "ميّ" (في الرسالة 7، 12، 4،) جَعَلت الرجال في نحيب المرّ بهذا التّلاعب الكائِد التي كانت فيه مع مجموعة الطبقة المثقفة في عصرها.
مع تحياتي : عائشة نور☺
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رَأيك :