"حي بن يقظان" ليس مُحاكًا بهدف الإبحار في عالم الأساطير والاستماع إلى القصص والخيالات..إنّما هو أسلوب أخذ به ابن طُفيل ومن سابقوه من العلماء لإنبات بذور الفلسفة.
القسم الأوّل:
تدور القصة في جزيرة على خط الاستواء حول شخصية حيّ بن يقظان، هذا الشخص الذي اختلفت فيه الآراء حول ميلاده (من يقول أنّه وُلِد من أبوين شرعيّين، ومن يقول أنّه تولّد من الأرض بِفعل عوامل طبيعية كتخمّر الطين إلخ...).
تربّى هذا الأخير في جزيرة على يد ظِبية تكفّلت بإرضاعه والاهتمام به وفي نفس الوقت كان قد بدأ في التعايَش داخلِ الطبيعة، فخالط الحيوانات وفهم لُغاتهم وتصرّفاتهم وبرَع في الصيد وو، مثل ما نقول:"ماوكلـي عربيّ".
وبعد موت الظبية، حاول فهم أسباب موتها وشقّ على صدرها لِيجدَ قلبًا متوقّفًا قَلَبَ حياة حيّ إلى رِحلة استطلاعية لفهم نواميس هذا الكون ومكوّناته من محسوسات ولا محسوسات، فالتّبصّر والبحث أكسبهُ عِلمًا وفيرًا حول كلّ شِبر من الطبيعة من دّواب ونباتات وجُسيّمات وهذا ما جعلهُ يبحث عن موجِد لهذه الموجودات ألاّ وهو الخالق "الله".
لذلك تُصبح فصول القصة المتبقية (من الجزء الثالث إلى السادس) استخلاصات ورُؤىً فلسفية حول كلّ أمرٍ يتمعّن فيه حيّ بن يقظان وهذا ما أدّى لإصدار خلل في السيرورة السّردية بسبب ثُقل الكفّة المكلّفة بالتوازن (الوزن بين المعلومة والحدث؛ فهو أثقل المعلومات وخفّف في الأحداث وبهذا فهو لم يوفِ بالقسط).
القسم الثاني:
هذا القسم الذي تدخل فيه شخوصٌ جديدة، آسال وسلمان و-كي أختصر نوعًا ما ولا أطيل- تنتهي القصة بتوجّه حيّ إلى الزهد والعبادات بعد مساعدة آسال هذا الذي قلّدهُ أيضًا في الأخير..
ولِهذان الإسمين دلالة فلسفية، ف "آسال" هي (اِسأَل)، وسلامان هي (استسلِم). وهذان الشخصيتان، جاءتا كثنائيّة مرافقة لِرحلة حيّ للبحث عن الله.
رأيي: *- تستحقّ القراءة بتركيز لأنّ بعض الأجزاء غزيرة المعلومات، غير موجزة، صعبة نوعًا ما لذلك جحدتُ في إعطائها الثلاث النجمات؛ تستحق أكثر لكنّ هذا موجّه للمختصّين بالفلسفة والمهتمّين بعلوم المنطق لا لِمبتدئة مثلي.
*-القصة خيالية، وليدة الأذهان لما فيها من انطباق في أحداث قد صارت من قبل (مراسيم دفن الظبية كانت بعد مشاهدة حيّ لِغرابين يتقاتلان وهذا مقتبسٌ من قصة دفن قابيل لأخيه هابيل).
وأيضًا قصة تنقّل حي لما كان رضيعًا إلى الجزيرة كان بسبب إلقاءه من طرف أمه في النهر خِشيةً من أذى الملك وكان هذا مأخوذٌ بلا شك ّمن قصة موسى عليه السلام.
أتمنّى لكم قراءة ماتِعة.
كتبتهُ عائشة نور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رَأيك :