الكتاب صاِدر باللّغة العربية اعتمدت على ترجمته "المنظمة العربيّة العالمية للترجمة"، لكنّ للأسف كانت الترجمة ركيكة جدًا وقامت باختزال المعاني وإرساء الأفكار على نحو أعقد من الكتاب الأصلي الأمّ.
يتناول هذا الكتاب دراسة مفاهيميّة حول "الهيمنة الذكورية" المُعتبرة كبناء اجتماعي معقد مترسّخ في لا وعي الأفراد، الدائم في الاستمرارية نظرًا لتولُّده الدوري من قِبَل المؤسسات الاجتماعية عبر التاريخ (المدرسة،الأسرة، القبيلة).. طبعاً، نعني بالهيمنة الذكورية بتلك السلطة العُلويّة التي يمتلكها الرّجال، وليست السيطرة بمفهومها الاستيلابي.
اعتمد بورديو في إسقاطاته الإثنوجرافية على مرجع مجتمعيّ وهم "قبائل جزائر 1958" وأيضاً وفقة تحليليّة لبعض المشاهد الروائية لِفرجيينيا وُولف.
في الفصل الأوّل:
ذكر بورديو في هذا الفصل أهم الفوارق الفيزيولوجيّة المتضادّة بين جسد الإناث والذكور، الدراسة كانت عقلانيّة ومنطقية في التصوّر البنيويّ الاجتماعي للجسدين، (( لأنّني كنت قد قرأت كتاب مقاربة جنسية بين الجسد والمدينة للديالمي، فكانت تضاربات مختلطة ومقاربة بين الجِسم والمادّة، لكنّ بورديو في طرحِه قارن بين الجسد والجسد وهذا شيء وُفّق فيه..))
حيث في الاستنتاج المُجدوَل بين المقارنات، نجد أنّ فوارِق الإيجاب كانت امتيازًا ذكورياً، فهذا حقل الرجل :
« Public, fort , haut, devant, droit »
وهذا حقل المرأة :
« Privé, faible, bas, derrière, gauche »
حيث حسب بورديو، هذه الامتيازات الذكورية التي حظت بها التركيبة الجسدية للرجل قد كانت مدخل لتغذية آيدولوجيّات وثقافات معيّنة التي أعطته بسطة النّفوذ للهيمنة.
وحتى في مشاركة النساء اللّا إدراكية في ترسيخ هذا المفهوم، مفهوم أنّهن يلعبن دور "المهيمَن عليه" ، حيث جلّهن لا يقبلن برجلٍ أقصر منهنّ طولاً، أو أصغر منهنّ عمراً، ويردن أن يكنّ مرغوبات وليس راغبات والكثير والكثير من النّماذج السوسيولوجية الواقعية.
"C’est a travers le dressage des corps que s’imposent les dispositions les plus fondamentales celles qui rendent à la fois enclins et aptes a entrer dans les jeux sociaux les plus favorables au défoulement de la vérilité : la politique, les affaires, la sciences "P81
برزت أهمية الدراسة الأنثربولوجية التي تناولها بورديّو أكثر في فصل "النساء في اقتصاد المتاع الرمزي" حيث ذكر بوادر تقسيم العمل الجنسي والمِهني بين الفئتين والذي كان يعطي المهن والمهمات الصعبة والشاقّة للرجل في ميادين القتال والحروب والبحث عن القوت "Le patron "، أمّا النساء فكنّ يشتغلن إلى الآن في أعمال سهلة التنفيذ كالتطبيب أو جمع المحاصيل أو وظائف تابعة لسُلطات ذكوريّة عُليا.
((استغِلّت بعض النساء كطابع شكليّ لدعم شركات أجنبية، فظهور النساء في تقديم البرامج الإعلانية ما هو إلاّ عملية استيلاب ذكوري مدعّم اقتصاديًا)).
(… ) Elles restent (les femmes) pratiquement exclus des postes d’autorité et de responsabilités notamment dans l’économie les finance….
ولا ينكر بورديو دور المرأة وشأنها الكبير في خدمة الاقتصاد الرمزي البيتي والحفاظ عليه بالممارسات المنزليّة اليومية، التي تُضيف روحانيّة قوية للأسرة، فالاجتماع على مائدة الطعام بعد إعداد وجبة ساخنة لديه رمزيّة كبيرة في التناسب والتكامليّة العائلية والدموية في الأسرة، لماذا حظت المرأة بالخوصَصة الاجتماعيّة في أعمال المنزل، لأنّها وفقًا للطبيعة المتجذّرة التي جعلت المرأة كائناً جميلًا يعرف التدقيق الجمالي للأشياء الرامز للأنثوية ولمفهوم المؤنث.. فترتيب الرجل لغُرفته محض اجتهاد، لكن ترتيب المرأة محض طبيعة داخليّة.
فخروج المرأة للعمل وخروج الرجل أيضاً سيدحض من ثقافة الاجتماع والاجتماعية والالتمام ويكون نشاط الشريكين في تمويل الاقتصاد وليس في تمويل العلاقات.
كما أضاف بورديو ملحقات هامّة في استدراج مفهوم الهيمنة والحبّ، وهل الفِعل الحبّي "ممارسة هيمنة" بالنسبة للرجال للحصول على سلطة الامتلاك؟ ملحق حول المثلية الجنسية .. وملحق هام حول فِكر الحركة النسوية التي حاولت التمرُّد من حلقة الهيمنة الذكورية، أي محاولة هدم نسق اجتماعي قد تشكّل منذ العصور البدائية من التاريخانيّة المدوّنة تلقائًا من المعطيات الطبيعية والثقافية..فرغبة "النسويّات" ليست أخذ الاعتبارية والحقوق بل محاولات اعتباطيّة للمساوَرة على الهيمنة وقلب الموازين فتصبح الهيمنة النسويّة هي التي تُسيطر على العنصر الذكوري وهذا شيء مستحيل وقُوعه إلاّ في حالة تفكيك التنشئة الاجتماعية أو دحض الرساليّات المؤسساتية..باختصار الفوضى فقط.
ومما استنتجتهُ أنا .. هو ما تفعله النسويات ما هو إلاّ دعم وترسيخ فعليّ للهيمنة الذكورية بطريقة التعاكس.
الكتاب متفرّد، وإن كانت هناك حالات من الاستنفار الذهني في بعض المشاهد التي امتثَل بها بالمجتمع القبائلي والتي أستنكرُها، لأنّ الرجل مهما درس عن هؤلاء، فهو غريبٌ عن تلك الجماعة، وليس من الأحقية له الخوض في مواضيع لا يدرك عنها إلاّ المتعايش والمنتمي للمجتمع القبائلي.
ثانيًا، تمنيت أن يدرس الحركة النسوية بشكلٍ أعمق وليس ملحقاً مختصرًا، لأنّه فصل لديه علاقة كبيرة جدًا بموضوع دراساته.
ثالثاً، الترجمة باللغة العربية شديدة السوء وقد قامت بتغيير الفهرسة الأصلية، أنصح باقتنائه باللغة الفرنسية فهي أسلس.
رابعًا، بدا لي أنّ الدراسة الموضوعية لبورديّو لم تأخذ ذلك الحياد فلقد بدت لي بعض الأوصاف، محاولة لتصوير مفهوم الهيمنة
كحركة استيلابية ومُسيطرة تُوَلّد العدوانية، لذلك خانه التعبير كثيرًا ومع الترجمة السيئة راح الكتاب في داهية.
الحمدلله لقد تمّت قراءة الكتاب، رابط التحميل المباشر : https://ia601800.us.archive.org/9/items/123boukrika44_maktoob_14_201407/8.pdf
مع تحياتي عائشة نور .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رَأيك :