منصّة إلكترونية ثقافية لِفائدة القرَّاء العرب معرفيًـا من خلال طرح العديد من المواضيع الفكريَة والترفيهيَّة المفيدة ونشـر مراجعات الكتب والآراء.

الجمعة، 19 فبراير 2021

مراجعة كتاب "هاتِف من الأندلس" لِعلي الجارم.

أصابتي حالة من الجمود الشّعوري اتّجاه هذا الكتاب، وذلك من قوّة الانبهار القويّ الوطأ ناحيَته. 
  تستعرضُ الرواية مقتطفاتًا من حياة الشّاعر ابن زيدون، ابتداءًا من ينعِ الشّباب لحظة اقترانِه بولاّدة بنت المستكفي بالله إلى غاية تذوّقه لِتبِعات الهرَم أين لاقى الموت.


تلخيص القصة:

ابن زيدون شاعرٌ فذ يتمتّع بذلاقة لسانٍ رهيبة، شخصية مِصداقة حسنة المعشر. هذا ما ولّد اهتمام الملوك به بُغيةَ تشغيله منصِب الوزارة، بدايةً مع أبي الحزم ابن جهور القرطبيّ الذي دلّله وعظّمهُ لفترة وجيزة بسبب تتابعِ المُكراء الحاسدين كعائشة بنت غلب الإفرنجيّة التي بثّت براثِنها فيه كثيرًا كي توقع بهِ وتوهنه، فسُجِن عامًا بعدما كان كثير السِلم من كيدِها بسبب عونِ السيّدة نائلة الدّمشقية، ثانيًا جاء أبو الوليد ابن الخليفة السابق المتوفّى، وتمكّن ابن زيدون من الخلاصِ الشّبه نهائي من الاضطرابِ الدائم حول قصة سجنِه الذي حيَّل فيها واحتال كي يخرج من القُضبان.جاء ثالثًا ابن المعتضد الإشبيلي الذي فرّ إليه بعد عدم ارتياحه لحُكم أبي الوليد الذي كان يخضع لكلامِ الفتّانين والمُملّقين، فلاقى ترحيبًا من طرفه الذي لم يستسغه كثيرًا بسبب افتقاده لجوهريّة الحكم المُحكم مِمّ أدّى به إلى كتمان أمانيهِ ومشاريعه حتى اعتلاء الخليفة المعتمد الذي نفّذها بدخوله قرطبة، وتوسّعهِ فيها، وقضاءه على بطش حريزٍ بن عكاشة...والمؤسف أنِ انتهى بان زيدون بأن تستقرّ فيه عضالُ السنون، فشاخَ، ومرِض ومات، وفقد كثيرًا من أحبّائه كفقدانهِ لِنائلة.


الانطباع : 
لم يحظَ ابن زيدون بعيشة هناءٍ وسكينة، كان في حياةٍ متنافرة، ظلومة..وحتى تفاصيل حبّه لولاّدة كانت قليلاً مواصفاتُها، نادرةً تفاصيلها، إذ كانت قائمة على المكاتبة والمراسلة والتقاء العينِ العجولة.فالكاتب لم يكن قاصدًا محاكاةِ علاقة ابن زيدون بهذه المرأة بالدرجة الأولى إذ كانت فقط بوّابة لإيجاد هيكلةٍ مقبولة للقصة. حتى أنّ حيثيّات خطوبته بولاّدة كانت ومضةً فقط، ثم اختفى أثرها وبدأت القصة تتمحورُ حول تنقّلاتِه وسقطاته مع قليلٍ بيانِ روحه الملتاعة والمشتاقة. 

وكذلك كما نسمع، وجدت حقيقة خيانتِه لولاّدة مع جارية سوداء مِعزافة -كما يُروى في أغلبية الكتب التي تستهدف سيرة الشاعر- محذوفةً من الكتاب، إذ نعلم أنّ هذا سيحطّ من قوامِ الحكاية وتسلسل الأحداث، وينتهِي الكتاب دون خِتام ملحوظ. :)
فهو نسجٌ من الخيال واختراعٌ لبعض الشخوص وتحريكهم في قالبٍ سردي فقط.




أمّا بالنسبة للأهم، اللّغة، فهي ساحرة جدًا، قويمة وبرِعة، لم أرَ بمثل هذا الضبط اللّغوي الممتاز من كاتبٍ قطّ، ولعلّي إلى الآن أعيد قراءة بعض العبارات المُتقنة بزخرفِ البيان والمحسّنات والفصاحة من عليّ لبيب.

الاقتباسات:
  • "إنّ الزمان الذي مازال يُضحكنا أنسًا بقربِهم..قد عادَ يُبكينا"

  •  "فوجوهُ اللّفظِ شتى والمعاذيرُ فنون"


رابط التحميل pdf:

http://elibrary.mediu.edu.my/books/MEDIU2304.pdf

+
شكرًا لكم، وإلى مزيدٍ من الكتب إن شاء الله" مع تحيّاتي عائشة نور"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شاركنا رَأيك :

المتابعون