كليلة ودِمنة" كتاب وضعهُ الفيلسوف الهندي "بيدبا" وعرّبهُ ابن المقفَّع: كتابٌ يستعرِضُ مواقف هزليةَ على ألسنة البَهائم والحيوانات بهدف الوعظِ ونقدِ بعض الخلائق السياسية للملوك.
كتاب حمِلَ من الحِكَم والوعظ والنُّصحِ حملاً يسيرًا يُشكر عليه.
كتاب حمِلَ من الحِكَم والوعظ والنُّصحِ حملاً يسيرًا يُشكر عليه.
2-ما بالكتاب:قُسِّم الكتاب إلى أبوابٍ عِدّة؛ و دِباجة الكتاب تدور حول قِصّة انشائهِ: إذ كان بيدبا فيلسوفٌ هنديّ أريب، استاءَ منِ شؤون حُكم ملكهِ الفوضوية، فذهب إليه ينصحه ويرشدهُ، لكنّهُ سُجِن لأنّ الملك اعتبر ذلك مهانةً...وبعد ليلة من اللّيالي تراجع الملك عن أمره بعد لوم وندَم وقرَّب بذلك بيدبا إليه وعيّنهُ موكّلاً له لمَا رأى فيه من تبصُّر وعلم...
ثم طلب منهُ أن يكتب عن شؤون الحُكّام وآدابهم وحركاتهم وتصرُّفاتهم في ممالكهم، وأمهلهُ لذلك سنةً. فاستجاب لهُ بيدبا وكتب لنا هذه التّحفة ثم خبأها في مكتبةِ المملكة المحاطة بالبوّابين.
طبعًا هذا الكتاب تعرّض لتَرجمات كثيرة، لأنّه سُرِق سابقًا من قبل ملك كسرى الذي يُحبّ التطلُّعَ على أفكار الأمم:"أنو شِروان" بعدما كلَّف طبيبًا مكّارًا اسمه "برزويه" لجلب هذا الكتاب وترجمتهِ إلى الفارسية...
ولكنّ هذا الكتاب ضاعت كلُّ مثيلات نُسخِه وترجماته، وبقيت النّسخة المُعرّبة الوحيدة المحفوظة إلى الآن.
ندخل إلى الأبواب الجوهرية للكتاب، أين يبدأ الكاتب في الاسترسال والسّرد بِبابين بطلهما صديقان من بنات آوى: اسم أحدهما كليلة والآخر دِمنة (هما من سُميّا في عنوان الكتاب)، ولهُما في قصتهما بابان فقط، أمّا ما تبقى؛ فهو مستقلٌّ، لا يمُت العنوان بصلة.
ثم يدخل في أبواب أخرى مُغايرة يسردُ فيها حوادثَ عميقة وواعِظة تبيّن لكَ طِباع الناس كانت مليحة أو العكس (كباب الحمامة المطوقة، باب إيلاذ وبلاذ وإيراخت...) واِزدواجية شخوصهم وخِبِّ وسذاجة بعضهم (كالأرنب والأسد، القملة والبرغوث، الأرنب وملك الفيلة، الناسك والسّمن، الذئب والغراب وابن آوى والجمل).
سر جمالتها: هو لا سيّما ما ميّزها هو جزالة اللّفظ المهذّب، سهلٌ ممتنِع يجترِعه القارئ دون تعسّر ولو كانت هناك مفردات تُفهم من سياق الكلام فقط؛ ذلك سيُغنيه من ناحية خِدمة الإنسان عقليًا ولسانيًا.
نقد:
لم يرُق لي التداخل القَصصي الذي أثقل المُحتوى وأداخني! إذ أنّ هذه القصة بداخلها وقائع وقبل تلك الوقائع وقائع في بلد آخر الذي يسرد وقائع أخرى. أيضًا بعض قصص غريبة ولا يتقبّلهَا عقلٌ، إذ تنعدم فيها بعض من اللّطخات الشوقية والكلامِ المنطقي اللا مخدوع الخالِي من الخُزعبلاتِ اللفظية :(كإدراج الشيطان كشخصية من شخوص القصة..إلخ)
إذ على القارئ أن يقرأ ويتغلغلَ في عمق ما يقرأه، ويتمعّن في كلّ حِكمة يقولها بيدبا.
نهاية:
هذا الكتاب ماهو إلا دعوة إصلاحية فذّة ظاهرُها طرائفُ ونوادر وباطنُها رسالةٌ عميقة لا يفهمُها إلاّ العاقل والمُتعوِّدُ على التأويل.
ولعليّ فهمتُ نوايا ابن المقفّع عند سعِيه لتعريب هذا، لما كان لذلك من خلفيات سياسية مؤثّرة قادت ابن المقفع إلى تعربيهِ ليكون رسالةً ساخرة لوّحت أصابع الاتّهام وجعلت الشّكوك تحوم حولَه.
أشكرُ الرحمن، أعتذر للأحِبّة، تقصيري في المراجعة والتفاعل.
اقتباسات:
- "فينبغي لِمن طلب العلم أن يبدأ بعِظة نفسه يا كليلة".
- "فإنّه لا شيءَ أخفُّ وأسرع تقلُّبًا من القلب".
- "بعدُ فاعلم أنّ الفأس الذي يُقطعُ بها الشجر فيعود ينبت، والسّيفُ يقطع اللّحم، ثم يرجِعُ فيندمِلُ، واللسان لا يندملُ جرحهُ ولا تأسى مقاطعهُ"
- "لِتعلم أنّ بعض الحيلة مُهلكةٌ للمحتال -كليلة."
رابط التحميل المباشر http://www.gulfkids.com/pdf/Kalelah.pdf
مع تحيّـاتي عائشة نور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رَأيك :